كوم.فست - قصة حقيقية

   تقطع طريقك ماشيًا من البلوكات بعد التجول بين محلات بيع الأقمشة تبحث عما يمكنه أن يناسب الزي التنكري الذي أقنعت ابنك أن يرتديه خلال معرض ثقافة البوب الذي سيقام بعد يومين في الكويت، وعيك يخادعك بتسميته معرض ثقافة البوب لأنها تسمية ملائمة لاستخدام المثقف الآدمي. أردت أن تسميه كوميك كون أو معرض فن الكون، ولكنك لا تريد ما لا يريده مثقف غارق في العمق، عثرت على قماش مخملي أحمر غامق أقرب ما أمكنك العثور عليه من زي فرود باغينز، تحية لك باقناعك ابنك أن يرتدي زي فرودو، لا أحد يريد أن يكون سام غامجي شخصيتك المفضلة في سلسلة سيد الخواتم، الكل يريد أن يكون فرودو وقدر يتيح له أن يحصل على صديق مثل ساموايز الشجاع، لا يحتمل أحد أن يكون بوفاء سام غامجي، فرودو يناسب ابنك ويناسبك أن تكون له ساموايز دون أن تلبس زيه، فبأي كون مواز للأرض الوسطى يعيش سام بطول ١٩٠ سنتيمتر!  وعثرت كذلك على قطعة كتان رمادية تميل للاخضرار تشبه الأردية التي أهدتها السيدة غالادرييل لرفقة الخاتم، تعبر سوق الصفاة لتصل إلى مجمع جديد تتجول بين محلات الخياطة الذين لا يساعدون بالوقوف على أرضية صلبة في الاتفاق على تصميم وتنفيذ السترة والرداء، يتعذر البعض بعدم وجود الخياط الرئيسي في المحل والآخر يتعذر أنه لا يتقن خياطة الياقة وعندما أعفيته واقترحت عليه بأن يخيطها بطريقة محايد، تعذر بضيق الوقت. تخرج من هناك متصلًا على زوجتك، بما تبقى لك من حماس تقول لها ”حصلت خامات زينة بس لو أحصل خياط يسويهم، واذا ما حصلت راح أخيطهم بيدي“ تحاول المساعدة عن طريق تغيير الخطة بالكامل إلى شراء زي تنكري جاهز، تغضب منها وتترجى منها ألا تحطم آمالك وآمال الصبي الذي تحمس لتفرد فكرة زي من سيد الخواتم، تبادرك أن تقوم مربية أطفالكما بالمحاولة، تغلق منها الهاتف وتتصل بالمربية وتسألها إن كانت باستطاعتها الخياطة بالماكينة التي لديها. أجابت بحماس ملؤه التردد نعم ممكن نحاول لا أدري. يحتاجون إبرة للماكينة، تنتقل من المجمع تعود نحو البلوكات تلمح بضعة محلات لمعدات الخياطة، محل يحيلك للآخر للآخر للآخر إلى أن يقطع مشوارك أخير إلى وكيل العلامة التجارية في سوق المباركية، تتجه إلى هناك، هاتفك النقال تنفد بطاريته من الشحن، ينتابك قلق تضييع مكان موقف سيارتك، تبذل جهدًا ذهنيًا إضافيًا في التركز على العلامات المكانية التي تعينك على العودة للسيارة، تحصل على الإبرة، تتصل عليك زوجتك ”عثرت لك على خياط مستعد للقيام بالعمل بوقت قريب اتصل عليه وقل له أنك من طرفي“. ممتاز تتنفس الصعداء وتتصل على الخياط تشرح له ما تريده فلم يعطك فرصة، طلب منك المجيء للشرح. تتجاهل طلب المربيات لشراء خيوطًا بألوان مختلفة كون المسألة قد حسمت مع الخياط. تذهب إليه مستمعًا في الطريق إلى تأملات ماركوس اوريليوس ”لا تنفر وتقنع وتسخط إذا لم تنجح في عمل شيء كما تقتضي المبادئ الصحيحة. ولكن كلما فشلت فعد مرة ثانية“ تغرق بالتفكير والتحليل والاستماع وشرود الذهن، تصل إلى الخياط اقبال وتعرفه بنفسك يرحب بك تريه صورة فرودو باغنز وتشرح له وتعفيه من أي تعقيد، يناقشك ببعض تفاصيل التصميم ثم يباغتك بأن هذا الزي رجالي وأنه لا يشتغل إلا على الأزياء النسائية، تقول له تخيل أن الذي يرتدي هذا الزي امرأة، فالسترة قابلة لأن تكون نسائية كذلك! يتعذر بشدة أنه لا يستطيع خياط الجاكيت وأن الخيار الأفضل هو الخياط الرجالي، تعود إلى البيت تحرص أن يتفرغ غضبك كله قبل أن تصل، وذلك ما حصل، تعطي الأقمشة للعاملتين يدب فيهما الحماس وتكبر أحلامهما بتحقيق أمنية ابنك اللتان تهيمان به، المحاولة تبدأ غدًا صباحًا بعد ذهاب الأولاد للمدرسة.

  

 في اليوم التالي تغادر زوجتك لقضاء إجازة العيد الوطني خارج البلاد، تقضي الصباح كاملًا في المطبعة تجهيزًا لطباعة مجموعتك القصصية، وقت الظهيرة تأخذ أولادك من مدارسهم تعود إلى البيت، تطمئن على سير زي فرودو، يحين الوقت للذهاب للمعرض ابنك سعيد بزيه، تذهبان هناك وتغمرك السعادة بالنظر إلى حماس وسعادة ابنك النقيتان، يلتفت إليك تارة يعبر عن توتره، ثم يقول أن لا يشعر لا بالتوتر ولا الإحراج تارة أخرى، يتبسم لنظرات المارة. تدخلان إلى المعرض تزداد دهشة ولدك برؤية الفتية والفتيات بالأزياء التنكرية المميزة. تصطدم بفنان أزياء تنكرية كان يرتدي زيًا فريدًا يضيء بل إنك بعد إمعان النظر وتكرار الرؤية ترى أن ما يشع نورًا كان جسده وليس زيه، التفت وابتسم بعد أن رأى ولدك وزيه، أشار لك ”برافو“ ثم اقترب منك وقال لك أن العوالم تحتاج أمثالك! تجد نفسك بشكل مفاجئ في السيارة يتحدث ولدك معك عن روعة زيارتكم للمعرض وبدأ فعليًا التخطيط للسنة القادمة، لا تتذكر أي شيء حدث لك بعدما تحدث معك الغريب في المعرض. تصل للبيت تسعدك رؤية ابنك ينزع زيه ويطويه بعناية ليحتفظ به للذكرى. تتذكر أن الليلة ستلعب أسطورة الخواتم الخمسة، لعبة تقمص أدوار ولا يمكنك أن تنزل للأعماق حيث المثقف الحقيقي لتشرح له ما هي هذه اللعبة، تؤجل الاستعداد والإعداد حتى وقت قريب من بداية اللعب في متجر أصدقائك لألعاب البوردغيمز. يجب أن تتطلع على منهج مدرسة الساموراي وتتقن التعويذات وبعض القوانين المتعلقة باستخدام المهارات في اللعبة، تختار التركيز علي الخاتم الأرضي دون النار والهواء والماء والهباء، تصل في الساعة السادسة متقمصًا شخصية ساموراي اسمه هيديتوشي يدافع عن أراضي الروغوكان تقف حارسًا على الجدار الذي يفصل الحضارة عن أراضي الظل في الحديد المتاخمة لعشيرة الكراب السلطعون تهجم مجاميع كثيرة من العفاريت الغوبلن على الجدار تطلق تشرح لصديقك الذي يدير اللعبة التعويذة التي تريد أن تطلقها على العفاريت الحقيرة وتمثل بيدك حركة رمي حجر نحو الطاولة وتتساقط من يديك بضعة حصى بحجم حبات البلوط، يضج أصدقاؤك ضحكًا، ”أتيت بصخور كي تبدو تعويذة حقيقية، أحسنت“ وحدك تعلم أنك لم تأت بأية صخور.